شهد الجلسة العامة للبرلمان مناقشة تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ومكتب لجنة الشئون

مصر,تنظيم,قانون,العامة,الديون,الأصول,الحكومة,لجنة,الجلسة العامة للبرلمان

الإثنين 23 ديسمبر 2024 - 20:13

مد يد العون للمشروع المتعثر.. لماذا يناقش البرلمان تعديلات جديدة علي قانون الإفلاس؟

شهد الجلسة العامة للبرلمان مناقشة تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، ومكتب لجنة الشئون الاقتصادية، عن مشروع قانون مُقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس والقانون الصادر به رقم 11 لسنة 2018.

 صدر قانون تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس بالقانون رقم 11 لسنة 2018 كتشريع مستقل بتنظيم أحكام إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس، حيث كان نظام الإفلاس قبل ذلك من أبواب قانون التجارة الرئيسية.

فنظام الإفلاس كمفهوم قانوني متلازم مع نظام الإئتمان (الديون) يشكل حجر الزاوية لبناء نظام تجاري فعال كما أنه يشكل في ذات الوقت الرافعة التي تشجع المشاريع على مختلف أنواعها، فعملية الإقراض كونها حجر الزاوية لا تقوم ولا تستقيم إلا إذا توطدت الثقة عبر نظام قانوني يحمي الديون وإمكانية تحصيلها، والمقصود بالحماية هنا إمكانية استعادة المبالغ التي تم إقراضها.

 

كما شهد نظام الإفلاس عدداً من التطورات خلال مسيرته الأخيرة، لا سيما مع نشوء العولمة وتجاوز التجارة لحدود الإقليم واشتداد المنافسة الإقتصادية، سواء في الداخل أو الخارج، فلم يعد توازن حسابات التاجر منوطاً بحرصه وذكائه فحسب وإنما منوطاً بعوامل خارجية من العسير تجنبها، الأمر الذي كان من الممكن أن يؤدي إلى اضطراب أعمال التاجر وتوقفه عن الدفع، وهو ما دفع منظمات عديدة منها منظمة التجارة الدولية، والأونسترال، والبنك الدولي وغيرها إلى العمل على حماية الدائنين والمستثمرين وتعزيز عملية الاقراض والثقة التجارية عبر ضخ مجموعة من المبادئ الدولية والإرشادات (مبادئ البنك الدولي لنظام الإعسار وإرشادات الأونسترال) التي تساعد الدول وتحفزها على إصلاح نظامهم القانوني، فصدر القانون المشار إليه في مصر نظراً لما يحتله إصلاح نظم الإفلاس في مصر من أهمية كبرى كجهة تحسين بيئة الأعمال وخلق المناخ المؤاتي للائتمان والاستثمار.

 

وجاءت فلسفته بمجموعة من الأفكار المستحدثة الهادفة إلى تمهيد الطريق لتوفير الظروف التي تحفز الإستثمار وتجذب رءوس الأموال المحلية والأجنبية وذلك من خلال توفير بيئة قانونية سليمة تساعد على بناء قواعد التنمية المستدامة والتي باتت وأضحت هدفاً رئيسياً للدولة، وذلك كله بما يتماشى مع الطبيعة القانونية والإجتماعية للمجتمع المصري الذي أصبح في أمس الحاجة إلى جذب الأموال المحلية والأجنبية لتحقيق مزيد من فرص العمل ورفع مستوى النمو فيه مؤكداً على عملية إعادة الهيكلة المالية والإدارية للمشروعات سواء المتعثرة أو المتوقفة عن الدفع في محاولة لإقالتها من عثرتها وإدخالها سوق العمل مرة أخرى، وكذا تنظيم عملية خروجها من السوق بشكل يضمن حقوق جميع حقوق الأطراف من دائنين ومدينين وعاملين بالمشروع مما يؤدي في النهاية إلى بث الطمأنينة لدى المستثمرين الأجانب والوطنيين ويخلق المناخ الصحي الملائم والجاذب للاستثمار، مستحدثاً نظام الوساطة بهدف تقليل حالات اللجوء إلى اقامة دعاوى قضائية وتشجيع المشروع المتعثر أو المتوقف عن الدفع بما يضمن عدم الزج بصاحب المشروع في دعاوى تؤثر على سمعته التجارية. كما يضمن القانون تبسيط إجراءات ما بعد الإفلاس بما يحقق مرونة وسرعة تتفق مع المشكلات العملية التي كانت تحدث.

 

ويأتي مشروع القانون المعروض حاملاً فكراً جديداً في العديد من المناحي بهذا المجال، ومن ذلك على سبيل المثال ضرورة مد يد العون للمشروع المتعثر وفتح المجال له للحصول على تمويل يسهم في إقالته من عثرته، التي أدت إلى نقص السيولة اللازمة لديه، ولما كشف عنه الواقع العملي من أن الاعتماد على البنوك فحسب لتحقيق هذا الهدف قد لا يكون مجدياً في جميع الأحوال، مما استلزم أن يتم فتح الباب لجهات أخرى بالإضافة إلى البنوك، كمؤسسات التمويل وغيرها من الكيانات المرخص لها لتقديم التمويل أو التسهيلات الائتمانية للمشروعات المتعثرة، مع إجازة أن تكون هذه الجهات ضمن الدائنين، ما دام قيامهم بتمويل المشروع المتعثر من شأنه أن يُقيله من عثرته، مما سيعود عليهم بالمنفعة في نهاية الأمر، على أن يتم منح هذه الجهات كامل الحق في الحصول على معلومات مالية عن مقرضيها قبل الإقدام على التمويل حتى تكون على بينة من أمرها.  

 واستحدث مشروع القانون نظاماً عادلاً للتصويت يتم بموجبه تقسيم الدائنين الذين لهم الحق في التصويت والمقبولة ديونهم نهائياً أو مؤقتاً إلى فئات بحسب نوع وطبيعة الدين، بما يضمن تحقيق المساواة بين الدائنين داخل كل فئة من جهة، والمساواة بين جميع الفئات من جهة أخري.

 

 وأتاح مشروع القانون للدائنين التقدم بطلب صلح واق من الإفلاس للمدين، تعظيماً لدور الدائنين، وتجنباً لشهر إفلاس التاجر حسن النية سيئ الحظ، وتدعيماً لنظام الصلح الواقي من الإفلاس باعتباره نظاماً وجد في الأساس لإيجاد التوازن بين المراكز القانونية للمدين والدائن تحت إشراف القضاء.

 

 كما انتهج المشروع نهجاً جديداً يتمثل في أخذ تصويت الدائنين في العديد من القرارات المهمة المتعلقة بإجراءات ما بعد شهر الإفلاس، ومنها التصويت على الاستمرار في تشغيل تجارة المفلس، أو ندب خبراء إعادة الهيكلة لوضع خطة إعادة هيكلة تجارة المدين المفلس، أو البدء في إجراءات بيع موجودات التفليسة كمنشأة عاملة، أو تصفية الأصول الأساسية الخاصة بتجارة المفلس وغيرها من موجودات التفليسة، على أن يكون اتخاذ القرار في جميع الحالات المذكورة بموافقة الأغلبية العددية للدائنين.

 

 

حيث إن هدفه الأساسي تطوير الصلح الواقي والإفلاس من خلال تلافي المشكلات العملية التي ظهرت أثناء تطبيق القانون المشار إليه، وتطوير أحكامه طبقاً لأحدث التعديلات في دول العالم المتقدمة، والتي تهدف في النهاية في مصلحة المواطنين والتجار وتشجيعهم إلى اللجوء إليه بما يضمن تحقيق الغاية من إصداره. وعلى هذا، أُعد مشروع القانون المعروض لتعديل قانون إعادة الهيكلة والصلح والافلاس وقانون إصداره رقم 11 لسنة 2018.