صلاح فوزى: أحكام الإدارية العليا بشأن طعون الانتخابات واجبة النفاذ
ماذا قال الفقيه الدستوري صلاح فوزي بشأن صدور أحكام الإدارية العليا بتصعيد مرشحين للنواب في جولة الإعادة؟ قال الدكتور صلاح فوزي، أستاذ القانون الدستوري، عضو لجنة إعداد دستور مصر 2014، أن الأحكام القضائية الصادرة من المحكمة الإدارية العليا بشأن الطعون المقدمة علي نتائج المرحلة الأولي من انتخابات مجلس النواب التى أجريت في 23و24 أكتوبر الماضي، واجبة النفاذ، وتُنفذ بمسودتها، وجميعها صادفت صحيح القانون والدستور وصحيحة بإمتياز، والهيئة الوطنية مختصمة بحكم القانون.
جاء ذلك فى تصريحات لـ موقع البرلمان، مؤكدًا علي أن مادة 12 من القانون رقم 198 لسنة 2017، بشأن الهيئة الوطنية للانتخابات تنص علي أن لكل ذي شأن, الطعن على قرارات الهيئة, خلال ثمان وأربعين ساعة من تاريخ إعلانها، وتختص المحكمة الإدارية العليا بالفصل في الطعون على قرارات الهيئة المتعلقة بالاستفتاءات والانتخابات الرئاسية والنيابية ونتائجها، وتختص محكمة القضاء الإداري بالفصل في الطعون على قرارات الهيئة المتعلقة بالانتخابات المحلية ونتائجها،وتقدم الطعون إلى المحكمة المختصة وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة.
وأضاف فوزي بأن المادة 13 من ذات القانون أيضا تنص علي أن تفصل المحكمة المختصة في الطعون على قرارات الهيئة بحكم نهائي, غير قابل للطعن فيه, خلال عشرة أيام من تاريخ قيد الطعن, دون العرض على هيئة مفوضي الدولة, ويتم تنفيذ الحكم بمسودته ودون إعلان، وتنشر الهيئة ملخص الحكم في الجريدة الرسمية, وفي جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار على نفقة خاسر الطعن.
ولفت أستاذ القانون الدستوري إلي أن الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا فى ضوء هذه المواد، مشيرًا إلي أنه بجانب هذه المواد لابد أن ننظر لنص المادة 190 من الدستور بشأن اختصاصات مجلس الدولة والتى تنص علي أن مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل فى المنازعات الإدارية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه، كما يختص بالفصل فى الدعاوى والطعون التأديبية وقرارات مجالس التأديب، ويتولى الإفتاء فى المسائل القانونية للجهات التى يحددها القانون، ومراجعة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية، ومراجعة مشروعات العقود التي يحددها ويحدد قيمتها القانون، وتكون الدولة أو إحدى الهيئات العامة طرفاً فيها، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى.
والمادة أيضا 107 من الدستور التى تنص علي أن تختص محكمة النقض بالفصل فى صحة عضوية أعضاء مجلس النواب، وتقدم إليها الطعون خلال مدة لا تجاوز ثلاثين يومًا من تاريخ إعلان النتيجة النهائية للانتخاب، وتفصل فى الطعن خلال ستين يومًا من تاريخ وروده إليها. وفى حالة الحكم ببطلان العضوية، تبطل من تاريخ إبلاغ المجلس بالحكم.
والمادة أيضا 210 والتى تنص علي يتولى إدارة الاقتراع، والفرز فى الاستفتاءات، والانتخابات أعضاء تابعون للهيئة تحت إشراف مجلس إدارتها، ولها ان تستعين بأعضاء من الهيئات القضائية. ويتم الاقتراع، والفرز فى الانتخابات، والاستفتاءات التى تجرى فى السنوات العشر التالية لتاريخ العمل بهذا الدستور، تحت إشراف كامل من أعضاء الجهات والهيئات القضائية، وذلك على النحو المبين بالقانون. وتختص المحكمة الادارية العليا بالفصل في الطعون على قرارات الهيئة المتعلقة بالاستفتاءات والانتخابات الرئاسية والنيابية ونتائجها، ويكون الطعن على انتخابات المحليات أمام محكمة القضاء الاداري. ويحدد القانون مواعيد الطعن على هذه القرارات على أن يتم الفصل فيه بحكم نهائى خلال عشرة أيام من تاريخ قيد الطعن.
وأكد أستاذ القانون الدستوري إلي أنه وفق دستور 1971 كان نظر الطعون أمام القضاء الإداري بشأن دعاوي الانتخابات تضع فاصل فى النظر بشأن ما قبل نتيجة الانتخابات وما بعد النتيجة، حيث قبل النتيجة يتصدي لها مجلس الدولة وما بعد النتيجة تتصدي له محكمة النقض، وتجري تحقيق كامل وتخطر مجلس الشعب،وكان في حينها سيد قراره، بشأن أحكام محكمة النقض.
ولفت أستاذ القانون الدستوري إلي أنه مع دستور 2014، وما تم من صدور أحكام من المحكمة الإدارية العليا بشأن انتخابات 2020 فالواقع أصبح مختلف نوعا ما،حيث الأحكام التى صدرت منها ما هو اختصاص ولائي وتمت إحالته لمحكمة النقض وكان ذات صلة مباشرة من المرشحين الذين أعلنت الهيئة الوطنية فوزهم وتحققت فيهم العضوية، ومنها أحكام ذات صلة لمن خسرو وتصدت لهم المحكمة الإدارية العليا وصعدت منهم مرشحين لجولة الإعادة، ومنهم من تم رفض طعونهم.
وأكد فوزي علي أن المعيار الأساسي الذي تم الإعتماد عليه فى مستويات الأحكام هو معيار النتيجة المعلنة من الهيئة الوطنية للانتخابات، وهي مرشح خسر، ومرشح نجح، ومرشح سيخوض جولة الإعادة، مؤكدًا علي أنه يري وفق هذه الأحكام ثمة وقدر من التداخل فى الاختصاص القضائي ما بيم المادة 107 والمادة 210 من الدستور وهو أمر يتطلب إزاحة هذا التداخل ولا يجوز أن يترك الأمر هكذا فى ضوء التداخل والتناقض فى الاختصاص.
ودلل فوزي فى حديثه بأنه لا إشكالية إطلاقا فيما تصدت فيه المحكمة الإدارية وصدر عنها أحكام صادفت صحيح القانون والدستور بشأن الحصر العددي للمرشحين الذين تم تصعيدهم لخوض جولة الإعادة، ولكن الإشكالية فى الدعاوي التى تمت إحالتها لمحكمة النقض بسبب حيازة المرشحين للعضوية، وأنه فى حين نظر محكمة النقض لمثل هذه الدعاوي وثبوت أن الإشكالية فى الحصر العددي أيضا ومن ثم تحكم المحكمة بعدم الإختصاص، ومن ثم تتولد إشكالية تنازع الإختصاص السلبي، وستكون النتيجة أيضا أن يذهب الطاعن للمحكمة الدستورية العليا للفصل فى هذا التنازع.
ورأي عضو لجنة إعداد دستور مصر 2014، ضرورة أن تكون المحكمة الإدارية العليا هي المختصة بالدعاوي والطعون ذات الصلة بالحصر العددي بغض النظر عن أشخاص الطاعنين وعدم وضع معيار النتيجة وخاصة علي مستوي النجاح أو ما يطلق عليه تحقق العضوية قائلا:" المحكمة الإدارية العليا تكون مختصة بكل ما له علاقة بالحصر العددي وإشكالياته بغض النظر عن أن الطاعن أو المطعون عليه تم إعلان فوزه أو خسارته أو دخوله جولة الإعادة من الهيئة الوطنية للانتخابات وتتصدي لكل ما هو له علاقة بالحصر العددي".
وأكد فوزي علي أنه بجانب ذلك تكون محكمة النقض مختصة فيما يحال إليها من طعون بشأن صحة العضوية من عدمها وعلي رأسها فقد شرط من شروط العضوية، وذلك لحين ضبط العلاقة بين المادة 107 والمادة 210 من الدستور الذين تمت الإشارة لهم سلفًا.
وأكد أيضا علي أنه يري معالجة لهذا الأمر لحين ضبط العلاقة فى القانون رقم 24 لسنة 2012، بشأن إجراءات الطعن أمام محكمة النقض، وأن يتم إجراء عدد من التعديلات عليه بشأن المصطلحات الخاصة بها وضم مجلس الشيوخ له، وأيضا مصطلح الهيئة الوطنية للانتخابات بدلا من اللجنة العليا للانتخابات، حيث المادة 35 منه بأن يكون الطعن خلال 30 يوما من إعلان النتجية ونشرها بالجريدة الرسمية،إذا كان الطعن مبني علي أحد شروط العضوية، وأن يكون اختصاص المحكمة الإدارية العليا بشأن الحصر العددي للنتائج.
وأختتم حديثه بالتأكيد علي أن رؤيته لهذه المعالجة ما هي إلا اجتهاد فقهي مجرد، لإزالة هذه التناقض والتداخل فى الاختصاص القضائي بشأن نظر الطعون المتعلقة بنتائج الانتخابات النيابية، مؤكدًا علي أنه الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا بلاشك هي واجبة النفاذ وتصادفت مع صحيح القانون والدستور، ولكن الإشكالية كما ذكرت بشأن الطعون التى تمت إحالتها لمحكمة النقض فى حالة توصل المحكمة فى الطعون بأنها ذات إشكالية بالحصر العددي أيضا ومن ثم سيكون حكمها بعدم الاختصاص وسيوجد كما ذكرت تنازع اختصاص سلبي فى حاجة لحسم من المحكمة الدستورية العليا قائلا:" أحكام الإدارية العليا بشأن طعون الانتخابات صادفت صحيح القانون والدستور بإمتياز".